جمعية ميفعة عنس التعاونية الزراعية… أنموذج ناجح في تنمية إنتاج الخوخ

جمعية ميفعة عنس التعاونية الزراعية… أنموذج ناجح في تنمية إنتاج الخوخ
الإعلام التعاوني الزراعي – رضوان الشارف:
في ظل توجهات القيادة الحكيمة نحو تعزيز العمل التعاوني وتوسيع رقعة الإنتاج الزراعي، لخفض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي، تبرز جمعية ميفعة عنس التعاونية الزراعية متعددة الأغراض في مديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار، كأحد النماذج الريادية في تجسيد مفهوم التنمية المستدامة على أرض الواقع، من خلال تنظيم جهود المزارعين، وتوسيع نطاق زراعة محصول الخوخ، وتقديم الخدمات الإرشادية.
وقد تم إشهار الجمعية التعاونية الزراعية رسمياً في الثاني والعشرين من شهر رجب 1443هـ، الموافق 23 فبراير 2022م، عقب انعقاد اجتماعها التأسيسي، الذي شكّل نقطة انطلاق حقيقية لعمل مؤسسي منظم، يستوعب تطلعات المجتمع المحلي، ويعكس حجم الإمكانات الزراعية التي تزخر بها المديرية.
بلغ عدد المساهمين في الجمعية نحو 1300 مساهماً، فيما وصل عدد مزارعين الخوخ المنضمين إليها إلى 350 مزارعاً، ما يدل على مستوى الوعي المتزايد بأهمية العمل التعاوني، الذي يعتمد كلياً على منهجية العمل التنموية القائمة على هدى الله والمشاركة المجتمعية، والثقة المتنامية بدور الجمعية في تنظيم العملية الزراعية، وتقديم الدعم الفني والمجتمعي للمزارعين.
وفي البناء المؤسسي وبناء القدرات، قامت الجمعية بتدريب 14 فارس تنمية، إلى جانب تأهيل محاسب مالي وضابط قروض، بما يضمن حسن تنظيم آليات التمويل وإدارتها، وتوجيهها بما يخدم المزارع بصورة مباشرة.
وتُعد زراعة الخوخ من أبرز الأنشطة الزراعية التي تميزت بها المديرية، حيث تغطي زراعته مساحة تقارب 850 هكتاراً، بكمية إنتاج سنوي يُقدّر بـ 20,000 طن، يتم تسويقها مبدئياً في الأسواق المركزية بالمحافظة، ومن ثم توزع إلى مختلف المناطق المحررة في عموم الجمهورية.
وضمن جهودها في دعم المزارعين، نفذت الجمعية 15 مبادرة مجتمعية في زراعة الخوخ، شملت أنشطة متعددة، من أبرزها إنشاء خمس مدارس حقلية تهدف إلى تقديم الإرشاد الزراعي، وتبادل الخبرات بين المزارعين، بالتعاون مع مكتب الزراعة في المديرية.
كما نفذت الجمعية برامج إرشادية نوعية بالشراكة مع الجهات المختصة، وقامت بتأهيل نحو 200 مزارع على الاستخدام الآمن للمبيدات، في خطوة تهدف إلى تعزيز الممارسات الزراعية السليمة، والحد من الآثار السلبية على البيئة وصحة المزارعين.
وفي سياق التمكين الاقتصادي، بدأت الجمعية بمتابعة آلية توزيع منظومات طاقة شمسية كمشاريع قروض بيضاء للمزارعين، إلى جانب تلقيح شتلات الخوخ بأصناف محسنة ذات جودة عالية، لتحسين الإنتاج وتعزيز القدرة التنافسية للمنتج المحلي، وتصديره إلى الخارج.
وتسعى الجمعية حالياً على تجهيز ثلاجات مركزية بالتعاون مع الإتحاد التعاوني الزراعي وعدد من الجمعيات الأخرى، وذلك استعداداً لموسم الإنتاج المقبل، الذي يشهد عادةً غزارة كبيرة في المحصول، ما يتطلب وجود بنية تحتية مناسبة لتخزين الخوخ والحفاظ على جودته وسعره في السوق.
وفي خططها المستقبلية، تطمح الجمعية إلى إنشاء منظومة متكاملة لحفظ وتعليب الخوخ، تشمل إقامة مصنع متخصص لتعليب الفائض من الإنتاج وتوزيعه في السوق المحلي بديلاً عن المنتج المستورد، ضمن برنامج توطين المنتجات المحلية التي أطلقته حكومة التغيير والبناء، فضلاً عن تنفيذ برامج لاختبار وانتخاب الأصناف ذات الجودة الأعلى.
ورغم ما تحقق من إنجازات، تواجه الجمعية عدداً من التحديات والمعوقات، أبرزها انخفاض أسعار الخوخ في مواسم الذروة، وصعوبة التسويق في ظل غياب عقود رسمية مع جهات استيعابية، إلى جانب انتشار الآفات الزراعية وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات.
وتقوم الجمعية بمواجهة الآفات الزراعية وفقاً لنوع الإصابة، إما من خلال المعالجات اليدوية التقليدية أو باستخدام المبيدات الكيميائية عند الضرورة، مع استمرار تقديم الاستشارات الفنية والإرشادية للمزارعين، في إطار الدور الحيوي الذي تؤديه من خلال المدارس الحقلية والبرامج التوعوية.
وفيما لم يتم حتى الآن التعاقد مع أي جهة رسمية أو تجارية لتسويق محصول الخوخ، تواصل الجمعية مساعيها لتوسيع قنوات التسويق، من خلال إيجاد أسواق جديدة لتسويق المحصول وتفعيل الزراعة التعاقدية كحل استراتيجي لضمان استقرار دخل المزارعين، وتخفيف الأعباء التسويقية عنهم.
إن تجربة جمعية ميفعة عنس التعاونية الزراعية تمثل نموذجاً متقدماً في توظيف العمل التعاوني لخدمة التنمية الزراعية، وتؤكد أن نهضة الريف اليمني تبدأ من الهجرة العكسية من المدينة إلى الريف، وتنظيم المجتمع وتحفيزه وتحشيده على إطلاق المبادرات المجتمعية في كافة الجوانب وخاصة في الجوانب الاقتصادية، وتفعيل دوره في الإنتاج والتسويق، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ورفد الاقتصاد الوطني.




