استراتيجية التعليم الزراعي من الثانوية الزراعية إلى كليات الزراعة والطب البيطري

الإعلام التعاوني الزراعي – د. يوسف المخرفي:

يخال للبعض أن إنشاء كليات الزراعة في الجامعات الحكومية بأمانة العاصمة والمحافظات يعد بمثابة حجر الأساس في تأهيل الكوادر الفنية الزراعية والطبية البيطرية اللازمة للتنمية الزراعية والتطوير الزراعي.

وبناءً على هذه النظرة الضيقة والشكلية، أنشئت كليات الزراعة، حتى إنه تم إنشاء كلية الزراعة بجامعة صنعاء، وكان الأولى إنشاؤها في مدينة وقاع عمران، لا في أمانة العاصمة صنعاء منذ ذلك الحين.

كما أن معظم منتسبي كلية الزراعة كانوا من سكان العاصمة صنعاء، لا من عمران أو ذمار أو تهامة، الأمر الذي أوجد حالة انفصام بين مخرجات الكلية والجغرافيا الزراعية بالمحافظات.

أيضًا، إن غياب الاستراتيجية الزراعية الوطنية الجامعة، وما ينبثق عنها من خطط تنفيذية مستقبلية قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، جعل الكلية تغفل عن حقيقة زراعية فوضوية وعشوائية، مفادها أن التوسع العمراني للعاصمة صنعاء سيقضي على جميع الأراضي الزراعية بقاع صنعاء الزراعي الفسيح خلال خمسين عامًا الأخيرة فقط.

من هنا نصل إلى نقطة البدء وحجر الأساس في زاوية التنمية والتطوير الزراعي، وهي بالخط العريض (إعداد استراتيجية زراعية وطنية) يكون التعليم الزراعي وسيلتها الاستراتيجية في توفير الكوادر البشرية اللازمة لعمليات التنمية والتطوير تلك.

وقد اقتضت سياسات المناهج التعليمية العالمية تنويع تلك المناهج بحسب البيئات التي ستنفذ فيها وتقدم لطلابها، فتُقدم مناهج زراعية بالمرحلة الثانوية الزراعية للمجتمعات المحلية الزراعية، كمحافظات قيعان عمران وصعدة وذمار والحقل والجند وسهل تهامة الفسيح.

ومن أجل لملمة الأفكار المتضمنة في هذا المقال، نقترح أن نبدأ بإعداد استراتيجية زراعية وطنية، ثم فتح مرحلة ثانوية زراعية بالتعليم العام، إلى جانب الثانوية العامة والتجارية والصناعية وغيرها.

وللاستكمال، يتم تأهيل مخرجات الثانوية الزراعية من خلال إنشاء كليات الزراعة بجامعات مدن القيعان الزراعية سالفة الذكر، وكذلك فتح مساقات للدراسات العليا (الماجستير والدكتوراه) في العلوم الزراعية والبيطرية والعلوم المرتبطة بهما، كخطوة استراتيجية رابعة.

ومن أجل ضمان فعالية مخرجات كليات الزراعة بالدرجة الجامعية الأولى (البكالوريوس) والدراسات العليا، لا بد من تفعيل دور الإعلام والإرشاد والتسويق الزراعي، حتى تتمكن الاستراتيجية من ربط وتوظيف تلك المخرجات في سوق العمل الزراعي، كخطوة استراتيجية خامسة للتنمية والتطوير الزراعي.

كما يتعين على الخطة الاستراتيجية ألا تغفل عن الحقيقة البنيوية والهيكلية للنشاط الزراعي الاجتماعي، التي مفادها أن 65% من المجتمع اليمني يعملون في الزراعة، وربما زادت هذه النسبة خلال العقدين الماضيين نتيجة حدوث هجرة عكسية إيجابية من المدن إلى الأرياف، نتيجة حالة الفقر والعوز الناتجة عن انقطاع المرتبات لما يزيد عن عشر سنوات مضت.

ومما يعزز دور البعد الاجتماعي هو أن الدولة لم تقد قاطرة إنشاء المزارع العلمية العملاقة التابعة لها وزارياً أو حكومياً، حيث لا تزال عملية الإنتاج مقتصرة ومعهودة إلى صغار وكبار المزارعين والقطاع الخاص.

ونشير في المخطط الاستراتيجي إلى أن الهجرة السلبية من الأرياف إلى المدن شملت نحو 20% من السكان خلال الخمسين سنة الماضية، أي خلال الفترة من 1975 إلى 2025، وهو معدل خطير كانت له الآثار السلبية المتعددة التي يتعين على الخطة الاستراتيجية اقتراح وتقديم الحلول المناسبة لمعالجتها.

استراتيجية التعليم الزراعي من الثانوية الزراعية إلى كليات الزراعة والطب البيطري
  • 254 views
  • تم النشر في:

    مقالات