
العمل التعاوني الزراعي بين تصحيح المسار وتعزيز الفائدة المجتمعية
بقلم: عزيز الخطابي
في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الزراعي تحديات متزايدة، يبرز العمل التعاوني كأحد أهم الأدوات الفعالة للنهوض بالمزارعين وتحقيق التنمية المستدامة، فقد أثبتت التجارب العالمية والإقليمية أن الجمعيات التعاونية الزراعية، حين تعمل وفقاً للقانون وضمن أطر الحوكمة والشفافية، تصبح ركيزة أساسية لتعزيز الإنتاج وتحقيق العدالة الاجتماعية في الريف.
في اليمن، نظم المشرّع العمل التعاوني الزراعي بموجب القانون رقم (39) لسنة 1998م بشأن الجمعيات التعاونية، والذي وضع أسساً واضحة لإدارة الجمعيات، وحماية حقوق أعضائها، وضمان الشفافية في اتخاذ القرار. ومع ذلك، فإن ما شهدته بعض الجمعيات من تجاوزات في الفترات السابقة – من تسييس، وسوء إدارة، وغياب للمساءلة – أسهم في تشويه الصورة الذهنية للعمل التعاوني، وخلق فجوة بين هذه الجمعيات والمجتمع الذي يفترض أن تكون في خدمته.
هذه الأخطاء لم تكن ناتجة عن القانون ذاته، بل عن ضعف الالتزام به، إذ أن الإطار القانوني يوفر الضمانات الكفيلة بتحقيق الفاعلية، إذا ما فُعّل واحتُرم.
ومن هنا، فإن تصحيح المسار يقتضي العودة الصادقة إلى روح العمل التعاوني المؤسسي، المبني على الشفافية، والمحاسبة، والمشاركة الحقيقية للأعضاء.
إن العمل التعاوني حين يُدار بشكل قانوني وهادف، لا يحقق فقط مصالح أعضائه، بل يقدم خدمات جليلة للمجتمع بأكمله، فهو يوفّر فرص عمل، ويُسهم في استقرار أسعار المنتجات الزراعية، ويعزز من قدرة المزارعين على الصمود، ويعيد الاعتبار للاقتصاد الريفي.
المرحلة الراهنة تتطلب من جميع المعنيين – من قيادات الجمعيات، والجهات الرقابية، والمزارعين أنفسهم – الالتفاف حول مشروع وطني لتفعيل الجمعيات التعاونية الزراعية بما يخدم المصلحة العامة، ويعيد الثقة بهذا الكيان الذي لطالما مثّل أداة نهوض للمجتمعات المحلية.
لقد آن الأوان لتجاوز سلبيات الماضي، وبناء نموذج جديد من العمل التعاوني الزراعي الذي يعمل وفقاً للقانون، ويخدم المجتمع، ويعيد الاعتبار للثقة الشعبية بالجمعيات التعاونية.
رئيس الدائرة القانونية في الاتحاد التعاوني الزراعي.