
الثروة الحيوانية والتنمية المستدامة في اليمن
الإعلام التعاوني الزراعي- د. يوسف المخرفي:
تُعد الثروة الحيوانية الركيزة الثانية – بعد الإنتاج النباتي – من ركائز التنمية والاقتصادات الوطنية، نظرًا لعلاقتها الوطيدة بمختلف الأنشطة الاقتصادية من زراعة وصناعة وتجارة ورعي ونقل. فقد اعتمدت الزراعة التقليدية المستدامة قديماً على الثروة الحيوانية في الحراثة والتسميد والنقل.
كما اعتمدت الصناعة قديمًا وتعتمد حديثاً على أصوافها وجلودها ولحومها وعظامها. كما قامت وتقوم حرفة الرعي عليها بمختلف صنوفها وأشكالها، ((وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)) ذلك قول الله فيما يتعلق بأهميتها وضرورتها في مجال النقل والتنقل والترحال.
يشمل مفهوم الثروة الحيوانية الأبقار والأغنام والماعز والجمال. وبحسب الإحصائيات الرسمية، فقد بلغ عدد الأبقار نحو مليون وسبعمائة ألف رأس، و9 ملايين رأس من الأغنام، و9 ملايين رأس من الماعز، و447 ألف رأس من الإبل، إذ تمثل ما نسبته 20% من الاقتصاد الزراعي.
وربما كانت الأرقام قبل ثورة 26 سبتمبر 1962 أكبر بكثير من هذه الأرقام، ذلك عندما كانت اليمن بلد حضارة رعوية تصدر للعالم الفائض عن حاجتها من جميع صنوف الثروة الحيوانية، قبل أن تحيك لها القوى الإمبريالية حياكة الاستيراد واسع الشهية والخارج عن السيطرة حتى أردى وطننا وشعبه في حياض الفقر والجوع والبطالة.
إن اقتصادنا الوطني ما زال وسيظل تحت طائلة خسران الاستيراد من الخارج لكل شيء، وخسران الأراضي الزراعية بسبب النمو العمراني الجائر على حساب الأراضي الزراعية في بلد تشكل الأراضي الزراعية فيه ما نسبته 2.97% من إجمالي مساحته.
وتنتابك موجة من الضحك عند ذهابك لشراء اللحوم من الجزار عندما ترى صغار إناث الثروة الحيوانية جاهزة للذبح أمام مجزرته بالشارع، وتتذكر تلك الحملات الإعلامية المؤقتة والإجراءات الإدارية غير الفعّالة المتعلقة بالحد من ذبح صغار إناث الثروة الحيوانية التي حصلت قبل نحو عامين ونيف.
من هنا نطالب بأن تستمر الحملات الاعلامية التوعوية بخطورة ذبح إناث وصغار الثروة الحيوانية،واتخاذ إجراءات مشددة ورادعة ضد كل من يقوم بذبحها،فيجب أن يكون الإعلام جزءًا من استراتيجية وطنية لتنمية الثروة الحيوانية تنمية مستدامة.
فالثروة الحيوانية ذات أهمية كبيرة في مضمار التنمية المستدامة وأهدافها الـ17، وخصوصًا فيما يتعلق بأهداف الحد من الفقر والجوع والبطالة والتغذية وتنمية مصادر الغذاء من أجل التمتع بصحة جيدة لجميع السكان وفي مختلف الأعمار.
ونؤكد على ضرورة إعلان الحرب على استيراد الثروة الحيوانية، بل وعلى تصديرها، حتى تتحقق مؤشرات الاكتفاء الذاتي. فتصدير الأغنام من اليمن إلى دول الخليج، واستيرادها في ذات الوقت من بلاد الحبشة إلى بلادنا، مجرد دائرة تجارية مفرغة لا تحقق نموًا ولا تسجل رقمًا في الميزان والتبادل التجاري في بلد يمتلك نحو 550 ألف هكتار من الغابات والمراعي الطبيعية.
كما نؤكد على ضرورة الخروج من نفق الحملات الإعلامية المؤقتة إلى ميدان الإنتاج الزراعي والحيواني وفق خطة استراتيجية وطنية لتنمية زراعية وحيوانية مؤكدة وملموسة.
د. يوسف المخرفي- أستاذ العلوم البيئية والتنمية النظيفة والمستدامة وتغير المناخ بجامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية